في عصر العمل الرقمي السريع، أصبح موظفو المعرفة يعانون ممّا تسميه مايكروسوفت "يوميّات العمل اللامتناهية"؛ حيث يفقد الموظفون السيطرة على وقتهم بسبب الانقطاعات المستمرة من رسائل البريد الإلكتروني، والاجتماعات، والإشعارات الشخصية، وتداخل حياتهم الخاصة مع المهنية.
كيف يُنقذنا الذكاء الاصطناعي من "يوميّات العمل اللامتناهية"؟ رؤية مايكروسوفت
وفق تقارير مايكروسوفت، يتلقى العامل العادي حوالي 117 رسالة يوميًا، وتظهر البيانات أن نصف الموظفين تقريبًا (48٪) يشهدون حالة من "العمل الفوضوي والمجزأ".
١. الطبيعة المتزايدة لـ "اليوم اللامنتهي"
أظهرت دراسة من مؤشر اتجاهات العمل في مايكروسوفت أن الموظف يتعرض لانقطاع كل دقيقتين تقريبًا عبر إشعار أو بريد أو دعوة اجتماع. 40٪ من الأشخاص يستيقظون في السادسة صباحًا فقط ليفحصوا عناوين البريد المتراكمة. هذه الانقطاعات تسرق ساعات الذروة الإنتاجية – خاصة بين الساعة 11 صباحًا و1 ظهرًا – وتضعف جودة العمل والتركيز.
٢. الذكاء الاصطناعي كحل للديون الرقمية
"الديون الرقمية" هو مصطلح استخدمته مايكروسوفت لوصف عبء المهام المتكررة الصغيرة التي تستهلك وقتًا دون قيمة حقيقية، مثل كتابة ملخصات الاجتماعات، الرد على الرسائل، والبحث عن معلومات. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، خاصة أدوات مثل Microsoft 365 Copilot، لتقليل هذه الديون عبر أتمتة المهام الروتينية.
أفاد موظفون في القطاع العام بالمملكة المتحدة أنهم وفروا ما يصل إلى 26 دقيقة يوميًا باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. ومع الزمن، يتراكم هذا ليعادل أسبوعين من العمل سنويًا! بينما تشير تجارب أخرى إلى توفير بين 11 و60 دقيقة في اليوم.
٣. كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في العمل الفعلي؟
٣.١ حذف الأعمال الروتينية وتحرير الإبداع
قال ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، إن الذكاء الاصطناعي الحديث ليس فقط للإنتاجية، بل لتحرير الإبداع. بدلًا من قضاء ساعات في تحرير العروض أو تلخيص المحادثات، يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذ هذه المهام، ليتفرغ الموظف للتخطيط الاستراتيجي والتفكير التحليلي.
٣.٢ تحويل الاجتماعات إلى أصول رقمية قابلة للبحث
يمكن للأدوات الذكية تحويل محتوى الاجتماعات إلى تقارير قابلة للبحث، بحيث لا يضطر أحد لتدوين الملاحظات يدويًا أو تكرار المعلومات لاحقًا. هكذا، تتحول الاجتماعات من "مضيعة وقت" إلى مورد مرجعي قابل للاستخدام.
٣.٣ استغلال المهام الدقيقة (Microtasks)
عندما يستخدم الموظف أدوات AI لتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة قابلة للتنفيذ، يمكنه إنجازها أثناء فترات الانتظار، مثل التنقل أو التوقف بين الاجتماعات. هذا ما تطلق عليه مايكروسوفت "الإنتاجية المصغّرة"، وهي طريقة ذكية لتحسين الاستفادة من الوقت.
٤. أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي في بيئة مايكروسوفت
- Microsoft 365 Copilot: يُدمج في Word وExcel وOutlook وTeams، ويقوم بصياغة الردود، تلخيص الاجتماعات، إنشاء تقارير، وتحليل بيانات.
- Microsoft Search المدعوم بالذكاء الاصطناعي: يسهل الوصول إلى المعلومات داخل المؤسسة من خلال تحليل ذكي للمستندات.
- AI-Powered Workplace: نظم ذكية داخل Microsoft Teams لتنظيم الاجتماعات، إدارة التواجد، وتنسيق جداول الفرق.
٥. الفوائد الفعلية الملموسة
الفائدة | الوصف |
---|---|
توفير الوقت | من 11 إلى 60 دقيقة يوميًا، ما يعادل أكثر من أسبوعين من العمل سنويًا. |
تركيز أفضل | تمكين الموظفين من استخدام فترات الذروة للتفكير العميق بدلًا من المهام المتكررة. |
تحسين الأداء المؤسسي | فرق Copilot تحقق أداءً أعلى بنسبة تصل إلى 23% في الإيرادات مقارنة بغيرها. |
٦. تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في العمل
- الحاجة إلى التدريب: 80٪ من القادة يعتبرون أن الموظفين يحتاجون لتعلم كتابة أوامر فعّالة، وفهم مخرجات AI.
- قضايا الأمان: يجب حماية خصوصية البيانات عند استخدام الذكاء الاصطناعي في مهام حساسة.
- الثقة: لا بد من مراجعة المخرجات وعدم الاعتماد الأعمى على الذكاء الاصطناعي.
٧. توصيات لتطبيق ناجح للذكاء الاصطناعي في بيئة العمل
- ابدأ بأتمتة المهام اليومية الصغيرة.
- استخدم أدوات تلخيص الاجتماعات والبريد تلقائيًا.
- درّب الموظفين على استخدام أدوات AI بفعالية.
- ضع سياسات خصوصية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
- قيّم نتائج الأداء قبل وبعد اعتماد AI لاتخاذ قرارات مستندة إلى بيانات.
٨. الخاتمة
الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا للإنسان، بل أداة مساعدة قوية. إنه يمكّن الموظفين من استعادة السيطرة على وقتهم، وتخفيف العبء العقلي الناتج عن الرسائل المتكررة والاجتماعات غير المنتجة. وتوضح تجربة مايكروسوفت أن دمج أدوات AI مثل Copilot يمكن أن يعزز الإنتاجية ويمنح المؤسسات مزايا تنافسية حقيقية. المستقبل هو حيث يتعاون الذكاء الاصطناعي مع البشر – لا لإزاحتهم، بل لتمكينهم.